عدد السور المكية في القرآن

عدد السور المكية

مقدمة

القرآن الكريم هو الكتاب المقدّس في الإسلام، ويُعدّ المصدر الأول للتشريع والعقيدة والهداية. نزل هذا الكتاب على النبي محمد ﷺ على مدى 23 عامًا، متوزعًا بين مرحلتين أساسيتين هما: المرحلة المكية التي استمرت نحو 13 عامًا، والمرحلة المدنية التي استمرت 10 سنوات بعد الهجرة النبوية. وقد تم تصنيف سور القرآن الكريم إلى مكية ومدنية بناءً على مكان نزولها وليس على مكان كتابتها أو محتواها فحسب. وتُعدّ السور المكية ذات أهمية كبرى في فهم الرسالة الإسلامية في بداياتها، لما تتضمنه من تركيز على التوحيد، والبعث، والرسالة، ومواجهة الشرك، وبيان أصول العقيدة.

تعريف السور المكية

السور المكية هي تلك السور التي نزلت قبل هجرة النبي ﷺ من مكة إلى المدينة، بغض النظر عن المكان الذي نزلت فيه، سواء نزلت في مكة أو في غيرها ما دام ذلك قبل الهجرة. يُعدّ هذا التعريف الأكثر دقة وشمولية، لأنه لا يربط السورة بمكان نزولها الجغرافي بقدر ما يربطها بالمرحلة الزمنية في السيرة النبوية. هذه السور تشكل الأساس العقائدي للإسلام، وتهدف في معظمها إلى ترسيخ الإيمان في نفوس الناس، وبناء قاعدة راسخة لعقيدة التوحيد، وإرساء القيم الروحية والخلقية.

عدد السور المكية

عدد السور المكية في القرآن الكريم هو 86 سورة من مجموع 114 سورة، بينما يبلغ عدد السور المدنية 28 سورة. هذا التصنيف هو نتيجة اجتهاد العلماء والمفسرين الذين تتبعوا سياق السور وأسباب نزولها ومضامينها ومكان وزمان نزولها. وقد نقل هذا التقسيم من خلال الروايات عن الصحابة والتابعين، إلى جانب تتبع الطابع العام لكل سورة وتحليل أسلوبها ومحتواها.

قائمة بأسماء السور المكية

فيما يلي جدول يوضح أسماء السور المكية وفقًا لما اتفق عليه جمهور العلماء:

السمات البلاغية والمضمونية للسور المكية

تتميز السور المكية بعدة خصائص تجعلها فريدة من نوعها، وتمثل الأساس العقدي في الإسلام:

1. تركيز على التوحيد
   
   تؤكد السور المكية على عقيدة التوحيد بشكل جليّ، وتدحض مظاهر الشرك وعبادة الأصنام.

2. الإيمان بالبعث واليوم الآخر
   
   من المحاور الكبرى في السور المكية التأكيد على أن هناك حياة بعد الموت، وأن الإنسان سيحاسب على أعماله، وهذا ما يرسخ جانب المسؤولية الفردية.

3. الدعوة إلى الإيمان بالرسالة
   
   تثبت السور المكية أن محمداً ﷺ هو نبي مرسل، وتستعرض موقف الأمم السابقة مع أنبيائهم، وتبين عواقب التكذيب.

4. القصص القرآني والعبر
   
   تتناول السور المكية قصص الأنبياء مثل نوح، وإبراهيم، وموسى، ولوط، لتبيين سنة الله في الخلق، وبيان مصير المكذبين والمصدقين.

5. الإيجاز والقوة البلاغية
   
   يغلب على السور المكية القِصر في الآيات، واستخدام الأسلوب المؤثر الجاذب، وغالبًا ما تبدأ بقسم: ﴿وَالضُّحَى﴾، ﴿وَالْعَصْرِ﴾، ﴿وَاللَّيْلِ﴾، كما أنها تتكرر فيها مفردات مثل: النار، الجنة، الحساب، الميزان، الساعة، العذاب.

6. الدفاع عن النبي وأصحابه
   
   بعض السور المكية تعالج مواقف المشركين العدائية، وتُطمئن النبي وأتباعه، كما في سورة الضحى، وسورة الشرح، وسورة المزمل.

أهمية دراسة السور المكية

إن معرفة السور المكية من المدنية لا يقتصر على التصنيف فقط، بل يساهم في:

• فهم مراحل الدعوة الإسلامية.

• إدراك تطور الأسلوب القرآني في الخطاب.

• بيان ظروف التنزيل وسياق الآيات.

• تعزيز الجانب العقدي في النفس الإسلامية.

• إعطاء أدوات تفسيرية أدق للسياق الزمني للآيات.

خاتمة

إن السور المكية تمثل اللبنة الأولى في بناء الرسالة الإسلامية، وفيها تجلّت أعظم المبادئ العقائدية التي أسست للتوحيد، وبُنيت عليها باقي التشريعات فيما بعد. ومع أن عدد السور المكية يفوق المدنية، إلا أن تكاملها مع السور المدنية يمنح النص القرآني توازنًا متكاملاً بين العقيدة والشريعة، بين الثبات والممارسة. هذا التوازن هو ما يجعل من القرآن كتابًا خالدًا، ومرشدًا في كل زمان ومكان.

المراجع

1. الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن.

2. السيوطي، الإتقان في علوم القرآن.